الإمارات.. مكافحة التمييز والكراهية بـ(القانون)
القانون كلمة يونانية تلفظ كما هي kanun وهى تعني العصا المستقيمة، وانتقلت من اليونانية إلى الفارسية بنفس اللفظ (كانون) بمعنى أصل كل شيء وقياسه، ثم عُرّبت عن الفارسية بمعنى الأصل، والقانون هو مجموعة من القواعد والأسس التي تعمل على تنظيم المجتمع، وهو يعد أحد قوانين علم الاجتماع الأساسية التي لها أهمية، حيث لا يستطيع المجتمع أن يعيش إذا كان كل أفراده يفعلون ما يروق لهم دون مراعاة لحقوق الآخرين، أو إذا كان أعضاؤه لا يعترفون بأن عليهم التزامات معينة في مواجهة بعضهم بعضًا، والقانون هو الذي يقرر القواعد التي تحدد حقوق أي شخص والتزاماته وهو الذي يضع الجزاء وكيفية تطبيقه من قبل الحكومة على كل من يخالف القواعد التي وضعت، ويظهر كيفية تطبيق الحكومة لتلك القواعد والجزاءات.
ويمكن للقواعد التي تطبقها الحكومة أن تتغير مع الزمن ومع التطورات التي تحدث في الدول، فكل دولة لديها قانونها ولديها واجبات وحقوق وعلى أفرادها أيضا واجبات وحقوق؛ فتقوم السلطة التشريعية بتعديل القانون بما يناسب جانب الحكومة وجانب الشعب بحيث يكون هناك تجانس وتعاون وقبول من كلا الطرفين، وذلك بهدف تطوير المجتمع والدولة والحفاظ على الأمن والاستقرار، يقول الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل: (يمكن للحكومة أن تتواجد بسهولة دون قوانين، لكن القانون لا يمكن أن يوجد دون حكومة).
وتُعدل القوانين بصورة متكررة لكي تعكس المتغيرات التي تطرأ على حاجات المجتمع واتجاهاته، وأغلب المجتمعات تضطلع أجهزة حكومية متعددة وبخاصة أقسام الشرطة والمحاكم بمهمة التأكد من إطاعة القوانين، ولأنه يمكن معاقبة أي شخص لعدم تطبيق القانون.
ويتفق الجميع على أن تكون القوانين عادلة، ولذا تعد (العدالة) معيارا أخلاقيا ينطبق على كل أنماط السلوك الإنساني.
ويرى أرسطو وأتباعه بأن القانون هو (منطق خال من العاطفة)، ولكن شكسبير ومدرسته الفكرية ترى بأن (الشفقة هي جوهر القانون، ولا يَستخدِم القانون بقسوة إلا الطغاة)، ويؤيده في ذلك الفيلسوف التجريبي والمفكر السياسي الإنجليزي جون لوك حيث يقول: (غاية القانون ليس منع أو تقييد الحرية، بل حفظها وتوسيعها).
وفي الإمارات العربية المتحدة أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مرسوما بقانون رقم 2 لسنة 2015 بشأن (مكافحة التمييز والكراهية) والذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير، وهو يُعتبر قفزة عظيمة في عالم الإنسانية وحفظ حقوق الإنسان، وهو ودليل تحضر ومدنية، وعنصر مهم من عناصر الاستمرار والبقاء بل والخلود عبر التاريخ السياسي والاجتماعي والفكري، ودليل قوة للحكومة واستقرار أمني للبلاد وبيئة سلام للمجتمع، ومؤشر لحياة سعيدة ومستقرة.
ومما جاء في القانون الاتحادي حظر الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأديان أو الأنبياء أو الرسل أو الكتب السماوية أو دور العبادة وفقا لأحكام هذا القانون، أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني، كما جرّم القانون كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات أو شبكات الاتصالات أو المواقع الالكترونية أو المواد الصناعية أو وسائل تقنية المعلومات أو أية وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول أو الكتابة أو الرسم.
وتضمن القانون عقوبات رادعة على كل جُرم منصوص عليه في القانون تراوحت ما بين السجن والغرامة والإعدام، ومن جميل ما ورد في القانون أنه يعفي من العقوبة كل من بادر من الجناة في إحدى الجرائم المنصوص عليها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية عن الجريمة قبل الكشف عنها، كما اعتبر المرسوم بقانون أنه لا يعد تمييزا محظورا في تطبيق أحكام هذا القانون كل ميزة أو أفضلية أو منفعة تتقرر بموجب أحكام أي تشريع آخر في الدولة للمرأة أو الطفل أو لذوي الإعاقة أو لكبار السن أو لغيرهم.
يقول مارتن لوثر كنج- ناشط سياسي أفروأمريكي-: (قد يكون صحيحا أن القانون لا يمكن أن يجعل شخصا يحبني، لكن بإمكانه منعه من إعدامي زورا، وهذا في اعتقادي في غاية الأهمية).
“محمد حمزة “
اترك تعليقاً